تثير العواقب الكارثية للبقعة النفطية في خليج المكسيك الشكوك حول مستقبل عمليات التنقيب في المياه العميقة التي يتوقع أن تنعكس على تكاليف استخراج الذهب الأسود وأسعاره.
ويوضح المحللون في مصرف باركليز كابيتال "أن الفائدة من التنقيب والانتاج في المياه العميقة والعميقة جدا باتت على المحك لانه يبدو بوضوح ان حل مشاكل بسيطة على عمق كبير في غاية الصعوبة".
ورأى توني هايوارد المدير العام لمجموعة بريتش بتروليوم (بي بي) النفطية التي تسببت باسوأ بقعة نفطية في تاريخ الولايات المتحدة، "أن ما يجري يؤثر على الصناعة العالمية للغاز والنفط وسيكون له حتما وقع كبير جدا، ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في العالم اجمع".
وأول نتيجة مباشرة على الصناعة تتمثل في قرار الادارة الاميركية تجميد منح رخص للتنقيب في البحر لستة أشهر وتأجيل مشاريع نفطية عديدة قبالة سواحل الاسكا.
وأشارت دراسة لمكتب الاستشارات وود ماكنزي إلى أن هذه القيود ستؤدي إلى انخفاض الإنتاج العالمي 80 الف برميل يوميا في العام 2011، أي اقل من 1% في الاجمال.
كما يثير هذا التجميد ايضا مسالة بقاء التجهيزات النفطية الموجودة في خليج المكسيك. وقال باركليز كابيتال "ان غادرت منصات المنطقة، فان عودة انشطة التنقيب ستتطلب وقتا لانه سيتعين اعادة التجهيزات".
إلى ذلك يتوقع أن تذهب عواقب الكارثة على الامدادات أبعد من ذلك، إذ أن الشركات النفطية قد تتردد في الموافقة على مشاريع مماثلة في المياه العميقة جدا.
ولفتت هيلين هنتون المحللة في مصرف ستاندارد تشارترد إلى أن "الشكوك حول مستقبل عمليات التنقيب النفطية في المياه العميقة كبيرة الان في الولايات المتحدة وغيرها".
وهذه الشكوك لا تمر بدون تأثير سلبي بالنسبة للسوق الاميركية. فخليج المكسيك يمثل 19% من الاحتياطي الاميركي من الذهب الاسود، 80% منها في المياه العميقة، و29% من الانتاج الوطني كما أوضح المحلل.
وبحسب وكالة الطاقة الوطنية، فان هذه المنطقة أساسية لتوفير العرض المقبل للكوكب، إذ يفترض أن تزود بنصف مليون برميل في اليوم اكثر من مستوى انتاجها الحالي بين 2008 و2014.
وقد تؤدي الكارثة ايضا الى برودة حماسة شركاء البرازيل التي ستنطلق في استثمار احتياطي هائل في البحر يقدر بـ50 مليار برميل من الخام تحت طبقة كثيفة من الملح على عمق 7000 متر.
وفي بحر الشمال البريطاني حيث استنفدت الحقول الكبيرة، فان التطلعات والامال تتجه في المستقبل إلى أعماق البحر، إلى شرق جزر شيتلاند.
وعلى الرغم من المخاطر التي برزت مع قضية بي بي، فان الشركات النفطية ليس امامها خيار في الحقيقة: فمع ابعادها عن الحقول الكبيرة "السهلة" في الشرق الاوسط، باستثناء العراق، عليها أن تبحث عن النفط في ظروف محفوفة بالمخاطر اكثر فاكثر.
ورأى تيم مورغان مدير الدراسات في مكتب توليت بريبون أنه "لا بد في المستقبل من ان تزيد التكنولوجيات والمخاطر بدلا من ان تخف، لان مصادر النفط +السهلة+ قد استنفدت وانتقلت جهود الاستثمار نحو حدود صعبة اكثر فاكثر".
وتتضافر العوامل بين تأخير مشاريع وتشديد التشريعات والتكنولوجيات المكلفة لتتجه إلى خلاصة واحدة وهي أن أسعار النفط سترتفع بشكل كبير.