موضوع: العقوبات على إيران.. مواجهة أم تسوية؟ الخميس يونيو 24, 2010 12:37 am
بعد مخاض طويل توصل مجلس الأمن إلى إصدار القرار 1929 الذي يتضمن فرض عقوبات جديدة على إيران، حيث أيدته 12 دولة ورفضته البرازيل وتركيا وامتنع لبنان عن التصويت، فهل جاء هذا القرار إيذانًا ببدء عصر المواجهة بعد أن فشلت المساعي الدبلوماسية أم نتيجة تسويةٍ ما قد تتضح معالمها مستقبلاً؟.
وللتذكير اشتمل قرار العقوبات على أن "إيران لا يمكنها أن تبني وحدات جديدة لتخصيب اليورانيوم"؛ وهو ما يمنعها من "الاستثمار في الخارج في نشاطات حساسة مثل استخراج اليورانيوم والتخصيب أو النشاطات المتعلقة بالصواريخ البالستية". في المقابل، على الدول الأخرى أن "تمنع إيران من القيام بمثل هذه الاستثمارات في شركاتها أو على أرضها". ويحظر القرار على إيران شراء ثماني فئات من الأسلحة الثقيلة هي الدبابات القتالية والعربات القتالية المصفحة والمدافع من العيار الثقيل والمقاتلات الجوية والمروحيات القتالية والبوارج والصواريخ وأنظمة الصواريخ. ويدعو الدول إلى الحذر والتريث قبل بيع أي نوع من الأسلحة إلى إيران.
وفي تفتيش السفن يوسع القرار مجال عمليات التفتيش في عرض البحر لتشمل الحمولات البحرية المشتبه بها والآتية من، أو المتوجهة إلى، طهران. وفي عقوبات الأفراد والمؤسسات أضاف القرار الجديد اسم جواد رحيقي، رئيس مركز التكنولوجيا النووية في أصفهان ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إلى لائحة الأفراد المرتبطين بالبرنامج النووي والبالستي الإيرانيين الذين تم تجميد أرصدتهم في الخارج ومُنعوا من السفر. كما أضيفت أربعون مؤسسة إلى القائمة من بينها 22 مرتبطة بنشاطات نووية أو بالستية، و15 بالحرس الثوري وثلاثة في الشركة البحرية لإيران.
وفي مكافحة الانتشار النووي يمنع المشروع إيران من ممارسة أي نشاط مرتبط بالصواريخ البالستية القادرة على نقل أسلحة نووية، وعلى الدول الأخرى عدم تقديم مساعدات أو تكنولوجيا لها علاقة بهذه النشاطات. والدول مدعوة إلى عرقلة أي تحويل مالي مرتبط بالانتشار النووي. كما هي مدعوة إلى رفض السماح لمصارف إيرانية يمكن أن تكون لها علاقة بالانتشار النووي بالعمل على أراضيها. كما عليها أن تمنع المصارف الإيرانية من فتح فروع لها إذا كانت مرتبطة بالانتشار النووي. وحرصت العواصم الغربية بعد صدور قرار العقوبات على القول: إن القنوات الدبلوماسية ستبقى مفتوحة للتوصل إلى حل نهائي يزيل مخاوف المجتمع الدولي من احتمال إقدام إيران على امتلاك أسلحة نووية.
أما الرئيس الإيراني فقد اعتبر القرار بمثابة منديل لا يستحق إلا أن يُرمى في سلة المهملات. والمفارقة التي يتوجب التوقف عندها هي أن الغرب تعاطى مع قرار العقوبات وكأنه بمثابة "رفع عتب" بدليل أن مضمون القرار يركز على عدم السماح لإيران باستيراد كل ما من شأنه استخدامه في المجال النووي، علمًا بأن القرارات السابقة الصادرة عن مجلس الأمن تركز أيضًا على النقاط نفسها، كما أن الغرب يلاحق منذ سنوات أي شركة أو مؤسسة تبيع إيران مواد ذات علاقة بالمجال النووي.
أما عن مراقبة المؤسسات المالية التابعة لإيران فإن طهران حريصة منذ سنوات على أن لا تُدخل في حساباتها أي أرقام مبالغ ذات علاقة بمشتريات مواد أو معدات لاستخدامات نووية. والمفارقة الأخرى هي أن ردة فعل طهران حول القرار 1929 كانت باهتة وغير مبالية إلى حد ما، وخالية من لغة التهديد والوعيد، مما يعني أن القادة الإيرانيين يعلمون سلفًا أن العقوبات لن تزيد من تفاقم الأوضاع في إيران ولن تمس المجالات الحيوية مثل استيراد البنزين وتصدير الطاقة وما يتعلق بهما من حركة انتقال الأموال والعائدات.
ونستذكر هنا أن طهران قبل صدور القرار 1929 كانت قد شنت هجومًا لاذعًا ضد موسكو بعد إعلانها أنها ستؤيد العقوبات، ووجهت انتقادات إلى بكين التي أعلنت الموقف نفسه، ولكن سرعان ما عاد الهدوء ليسود بين طهران وهاتين العاصمتين اللتين تعتبران مصدرًا هامًا لواردات إيران من كل ما تحتاجه عسكريًا ومدنيًا وتكنولوجيًا. فهل تمت صفقةٌ ما تحت الطاولة سمحت بإصدار القرار 1929..؟
من خلال متابعة فترة التحضيرات التي سبقت صدور القرار 1929 يتبين أن هناك احتمال حصول صفقات متعددة الأوجه تمت بين أطراف النزاع؛ فواشنطن أقنعت موسكو بالانضمام إلى قرار مجلس الأمن بعد أن أكدت لها على ما يبدو أن العقوبات لن تشمل تصدير الأسلحة الروسية إلى إيران، بدليل أنه ما إن صدر القرار حتى أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تلك العقوبات لن تمنع روسيا من تسليم الجمهورية الإسلامية الصواريخ الروسية من طراز "اس- 300". موضحًا أن "القرار يفرض قيودًا في التعاون مع إيران في مجال الأسلحة الهجومية لكن الأسلحة الدفاعية ليست معنية". كما أن العقوبات لن تمنع روسيا من مواصلة بناء مفاعلات نووية في إيران بدليل ما صرح به أكثر من مسؤول روسي، وبذلك فإن موسكو ضمنت استبعاد ما يهمها من لائحة الحظر، أي السلاح الدفاعي والمنشآت النووية السلمية.
أما الصين فقد ضمنت عدم المس بكل أنواع صادراتها إلى إيران ووارداتها منها، أي الاستثمارات النفطية وبيع الأسلحة الدفاعية وسائر السلع الاستهلاكية الأخرى. كما أن الصين قد تكون تلقت وعدًا من واشنطن بالتوقف عن دعم المحاولات الانفصالية لتايوان التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها.
وإيران التي لم يمس القرار قطاع الطاقة لديها، فإنها من المحتمل أن تكون قد قدمت بالمقابل ضمانات إلى روسيا بعدم دعم مقاتلي الشيشان انتقامًا من تأييد موسكو لقرار العقوبات، وعدم المس بالاستثمارات الصينية في إيران، وبعدم دفع مناصري إيران في العراق للقيام بعمليات عسكرية مؤثرة ضد القوات الأمريكية، وبعدم إعادة خلط الأوراق في أفغانستان.
وإذا صدقت هذه التكهنات يكون القرار 1929 قد صدر نزولاً عند إلحاح إسرائيل لمنعها من القيام بأي مغامرة عسكرية ضد إيران، كما أنه خدم تل أبيب في هذه الظروف، حيث وجَّه نظر المجتمع الدولي نحو إيران بعد أن كان موجهًا نحو تداعيات أسطول الحرية، وصدر نزولاً عند إلحاح الأوروبيين الذين اعتبروا أن معاقبة إيران من مسؤوليتهم وتأتي في سلم أولوياتهم، علمًا أنهم لم يكسبوا شيئًا مما تقرر، وأن ما فعلوه هو أنهم أثبتوا أنهم يجيدون الرقص في أعراس غيرهم فقط.
Admin مديرة المنتدى
موضوع: رد: العقوبات على إيران.. مواجهة أم تسوية؟ الجمعة يونيو 25, 2010 8:59 am
يسلموا يا الجوري بس ماعندي كلام غير ان الدول العظمة تأخرت بكسر راس ايران