تماما مثل الملائكة، ودعت الطفلة السورية جلنار عبد السلام نقشبندي أهلها وهي مبتسمة، لتكتب في الرابع من فبراير (شباط) الحالي حلقة جديدة في مسلسل بطش النظام السوري بالأطفال.
تعد جلنار ذات السنوات السبع أصغر ناشطة سياسية سورية، لكن عقلها بدا أكبر من ذلك، وهو ما تترجمه رسوماتها وكتاباتها حول طبيعة الأحداث في سوريا، فكان آخر ما كتبته قبل استشهادها هو «الجنة، الجنة، الجنة»، بالإضافة إلى عبارتها: «يا حماه سامحينا».
تنتمي جلنار إلى مدينة معضمية الشام، التابعة لمنطقة داريا بمحافظة ريف دمشق، والتي تقع على أطراف مدينة دمشق غرب مدينة داريا، وهي متاخمة تماما لمدينة دمشق التاريخية. وهذا ما جعل الشباب النشطاء في دمشق يدشنون عدة صفحات باسمها على مواقع التواصل الاجتماعي إكراما لروحها، وكتوثيق على وحشية النظام في التعامل مع ثورة الحرية والكرامة، واصفين إياها بـ«زهرة الحرية» و«عصفورة معضمية الشام».
وكانت جلنار، بحسب أقرانها في الصف الأول الابتدائي، دائما سباقة لكل حدث طفولي ينظم لدعم الثورة السورية، فكانت من أكثر الأطفال حرصا على المشاركة بإبداعاتها الشخصية، واقفة في صمود بمحراب إبداع النشطاء والثوار.
الطفلة الشهيدة صاحبة «الطفولة المسروقة»، بحسب ما نشر عنها في مواقع التواصل الاجتماعي، دائما ما كانت تتابع ما يحدث حولها من أحداث، فتبدأ بالهتاف مع المتظاهرين بمنتهى البراءة، تجري إلى شباك غرفتها لتعرف ما يحدث بالخارج، ورغم حرص والدتها وخوفها الشديد عليها فإن إرادة الله شاءت أن لا تصطحبها هذه المرة إلى شباك غرفتها وهي تنظر إلى رجال الأمن وهم يطلقون النار بشكل عشوائي على كل من يقابلهم، لتخترق رصاصة الغدر صدرها الطاهر فترديها قتيلة، بينما كانت تردد: «الله أكبر، الله أكبر»، حتى سقطت على الأرض وهي ما زالت تردد إلى أن أسكتها النزيف عن التكبير وهي تنظر باسمة لأمها.
الأمر المشين أن مأساة جلنار لم تنتهِ عند هذا الحد، فمع وداع أهل المدينة لجثمانها وقف لهم رجال الأمن يعترضونهم ليمنعوا الرجال من دفن جثمانها الطاهر، مما دعا نساء المدينة مع والدتها للقيام بهذه المهمة، وهن يرددن: «يا ريت إجت الرصاصة بقلبينا يا جلنار».