انتخابات العراق 2010... عبرت الطوائف وسقطت في القوميات
تستعد المفوضية العليا للانتخابات اليوم (الأربعاء) لإعلان النتائج الأولية للانتخابات التشريعية لتنهي بذلك مرحلة التكهنات التي بدأت تثيرها الكيانات السياسية، لتبدأ بعدها مرحلة الطعون والتشكيك بنزاهة الانتخابات وربما التهديد بالمقاطعة، وهو السيناريو الذي شهدناه قبل نحو أربع سنوات.
لا نقول هنا إن العملية الانتخابية لم تشبها عمليات تهديد وترهيب وربما ترغيب مارسته بعض أحزاب السلطة، لدفع الناخب لترشيح قائمة دون أخرى، وهذا ما أكدته المفوضية العليا للانتخابات، ولكن في المجمل لم نسمع من يصف ما جرى على إنه عمليات تزوير منظم يمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات أو تقلل من أهميتها.
انتهت العملية الانتخابية وستبدأ بعدها عملية لا تقل صعوبة وتعقيدا عن المرحلة الأولى وهي عملية تشكيل الحكومة وما سيرافقها من انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس جديد للبرلمان، وهنا يكمن الامتحان الحقيقي أمام الكيانات السياسية الفائزة لترد شيئا من جميل الناخب الذي كان نجم هذه الانتخابات بعد أن اشترك فيها بشكل فاعل متجاوزا كل الأخطاء التي أثيرت قبل بدء العملية الانتخابية وكادت أن تعيد العراق لمربع الحرب الأهلية.
ولكن قد يبدو السؤال الأهم في هذه المرحلة هو: كيف يمكن أن نقرأ الانتخابات العراقية؟
وفقا لما تم تسريبه من قاعات فرز الأصوات في المحافظات العراقية، يمكن أن نقول، إذا كانت انتخابات العام 2005 تتسم بالطائفية، فانتخابات 2010 تمثل تباشير انقلاب وطني على الأحزاب الدينية، وهذا ما تشير إليه الانتخابات بشأن فوز قائمة يتزعمها شيعي في كل المحافظات السنية، فضلا عن تراجع كبير تشهده الأحزاب الدينية في العراق إن كانت سنية أو شيعية. بالمقابل لا يمكن أن نقول إن هناك تغيرا في المزاج القومي، إن كان في الجانب العربي أو الكردي، وهو ما يعد كبوة هذه الانتخابات ومؤشرها السلبي.
إن ما نتج عن هذه الانتخابات من تطور في فكر الناخب العراقي يعد بتطورات أكبر في أية انتخابات قادمة، ولكن يبقى هذا التطور مشروطا بشروط صعبة من بين أهمها أن لا تحاول الأحزاب الدينية - التي ترى أنها المتضرر الأكبر من تحول الناخب باتجاه الأحزاب التي لا تتكئ على الدين والطائفة للحصول على السلطة - أن تعيد فكرة الطائفية الى المجتمع وتحيي الحساسيات القديمة من جديد بدوافع خارجية ربما، وخصوصا أن العراقيين دفعوا ثمن الطائفية أرواحا غالية، لكن هل ستستطيع أية دولة قادمة أن تحمي العراق وناخبيه من رياح الطائفية؟
الجواب يبدو مرهونا بعدة عوامل أهمها استعداد الحكومة القادمة وقدرتها على بناء تيار وطني يتجاوز التخندقات الطائفية أو القومية، فالناخب تجاوز الطائفية، فهل السياسيون مستعدون لذلك؟